قصتي كيف بدأت تحريك الانمي و ما السبب؟
التساؤل
عندما كنت أشاهد الكرتون و الانمي في الصغر ، تعلقت بهما بشدة ، و صرت أحضِر دفاتري و أقلامي و أرسم شخصياتي المفضلة فيها ، خاصة الانمي الياباني و السبب هي تلك العيون الكبيرة و اللماعة التي تشد النّاظرين ، و أصبح لدي الكثير من الشخصيات المفضلة في عالم الكرتون و الانمي من قناتي سبيستون و MBC 3 .
وكنت أتسأل ، كيف يا يصنعون الرسوم المتحركة ؟ هل هي صعبة أم سهلة؟ هل يمكن لشخص واحد القيام بذلك أم أنني سوف أحتاج لجيش من المحركين؟
بدأت البحث عن برنامج
توالت هذه الأسئلة في ذهني طيلة سنوات ، و لكن قرابة العام 2008 قررت الدخول للإنترنت ، و البحث عن برنامج لصناعة الكرتون و التحريك، وظهر أمامي البرنامج و قمت بتحميله ، الإنترنت كان بطيئاً حينها ، و أخذ معي أكثر من ثماني ساعات في التحميل و كنت أراقب الشريط يمتلئ ببطء و أذهب لألعب ، و أرجع لمشاهدته مجدداً و أعود لألعب و هكذا .
ذهب التحميل سدى؟
ما إن انتهى التحميل مباشرة، احزروا ماذا حدث؟ انقطعت الكهرباء ، و أصبت بإحباط شديد و قلت في نفسي أن انتظاري راح هباءً، و بعد ساعات من القطيعة رجعت الكهرباء و جريت نحو الكمبيوتر لأتفقد البرنامج لو تحمل بالكامل ، أم أنه علي إعادة تحميله ، و لكن يا للمفاجأة كان هناك، جالساً ينتظر من يسأل عنه!
أول تجربة في الانميشين
لم انتظر حتى أقرأ تعليمات المستخدم ،و بدأت فوراً بالعبث بالأدوات ، و لكن ما بدى واضحاً هو أنني عرفت ما هي أدوات الرسم ، و رأيت الـ"التايم لاين" و هناك تيقنت أنها الإطارات أو الـ" الفريمات" ، و دون الغوص في المصطلحات، دعوني أخبركم كيف جرى الأمر.
في اللوحة أو الفريم الأول رسمت دائرة " كرة" و رسمتها مرة أخرى في الاطار الآخر و لكن أبعد عن مكانها السابق، و أعدت الخطوات في الفريمات الأخرى.
اللحظة المنتظرة منذ عقود
ما إن انتهيت من التحريك، ذهبت و ضغطت على زر التشغيل ، وهذه كانت اللحظة التي لطالما انتظرتها و أنا صغيرة ، و أخيراً سوف أشاهد أول انميشين في تاريخي.
بعد أن بدأ المشهد في التحرك ، تسارعت نبضات قلبي ، و أنا أرى أن الكرة التي رسمتها تتحرك، تتحرك فعلاً، كما لو أنها حية!
كانت لحظة لا تنسى ، لأنني أيقنت أنني أمسكت بمفاتيح التحريك و أنني عرفت أنها أسهل مما هي عليه، كل ما علي فعله ، هو ان ارسم فقط، مرارا و تكرارا حتى تدب الحياة في الشخصيات التي أصممها، هذا كل ما في الأمر.
تغير نمط حياتي بسببه
ومنذ ذلك الحين و أنا أجلس ليل نهار على الكمبيوتر و أنا أصمم انميات و ارسم شخصيات و احركها ، وكنت أشعر بسعادة غامرة ، فقد أصبح بمقدوري أن اصنع انميات خاصة بي، كما في التلفاز تماماً.
كنت أول من يستيقظ و آخر من ينام في البيت، ليس أنا فقط، بل انضم إخوتي لي في التحريك ، وبات الجميع يصمم الانميشين بالدور، و ندبلجها في البيت، و نتنافس فيما بيننا.
لم أعد أقدر أن أشاهد الانمي بعد الآن
صحيح أنني فرحت جداً بما حققته، و لكن ظهرت الآثار الجانبية للتحريك بعد سنوات ، فكما تعلمون أن خبرتي زادت في الانميشن ، فبدأت ألاحظ أنني لا استمتع بمشاهدة الانمي .
لأن عقلي فهم كيفية التحريك ، و حين أشاهد لقطات من الانمي ، يبدأ دماغي بحساب عدد الفريمات المستخدمة، و متى ستتحرك الشخصية ، بل إنني احسب ما هي نوعية الانميشن في المشاهد، و أتنبأ ما إن كانت الشخصيات ستتحرك حركة واحدة أم لا.
باختصار بدأت أجد صعوبة كبيرة في العودة كـ"مشاهدة " كما كنت ، و هذا أمر متعب ، فدماغي لا يستطيع المشاهدة بصمت، و لكن مازلت أعشق مشاهدة الانمي كل مرة أجد فيها الوقت لذلك.
بصراحة كانت ذكريات لا تنسى ، عندما أتذكر تلك الأيام الجميلة ، حين كنت شغوفة بالتحريك و كأنني دخلت عالماً ساحراً لا أريد الخروج منه ، وما زلت فيه حتى اليوم، و أؤمن أن هناك الكثيرين مثلي ، يمتلكون الموهبة و المقدرة على الإبداع و العطاء.